حوكمة الشركات في السعودية

حوكمة الشركات في السعودية

Table of Contents

مقدمة: لماذا تُعد حوكمة الشركات ضرورة استراتيجية في المملكة؟

بدايةً وفي ظل التحولات الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، أصبحت حوكمة الشركات عنصرًا جوهريًا في بناء اقتصاد مستدام وشفاف، لم تعد الحوكمة مجرد التزام قانوني، بل أصبحت أداة استراتيجية تعزز من مصداقية الشركات، وتجذب الاستثمارات، وتُقلل من المخاطر القانونية والإدارية، وفي هذا السياق، يُعد فهم الشروط والإجراءات القانونية المتعلقة بحوكمة الشركات أمرًا بالغ الأهمية لأصحاب الأعمال، والمديرين التنفيذيين، ومالكي الشركات، لكن ما المقصود بحوكمة الشركات؟
وما هي الشروط والإجراءات القانونية التي يجب على الشركات في المملكة الالتزام بها؟وهل تختلف الحوكمة بين الشركات المساهمة والشركات الخاصة؟

فيما يلي، نقدم لك دليلًا قانونيًا شاملًا حول نظام حوكمة الشركات في السعودية، مع تفصيل للإطار التنظيمي، والهيكل الإداري، والمسؤوليات القانونية، والمتطلبات الحديثة التي فرضتها الجهات الرقابية.


🔹 ما هي حوكمة الشركات؟ التعريف والأسس القانونية

✅ تعريف حوكمة الشركات

تُعرف حوكمة الشركات (Corporate Governance) بأنها مجموعة من القواعد، والسياسات، والممارسات التي تُنظم العلاقة بين مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية، والمساهمين، وأصحاب المصلحة الآخرين، وتهدف إلى ضمان الشفافية، والمساءلة، والكفاءة، والامتثال القانوني.

علاوة على ذلك، تُعد الحوكمة ضمانة للمساهمين بأن قرارات الشركة تُتخذ بمهنية وحيادية، وليست لمصلحة فرد أو مجموعة بعينها.

✅ الأسس القانونية في النظام السعودي

تعتمد حوكمة الشركات في المملكة على عدة أنظمة وتعليمات صادرة عن جهات رقابية متعددة، أبرزها:

  1. نظام الشركات السعودي (الصادر بالمرسوم الملكي م/51 وتاريخ 28/8/1444هـ)
  2. نظام السوق المالية وتعليمات هيئة السوق المالية (CMA)
  3. نظام حماية البيانات الشخصية (PDPL)
  4. نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
  5. قواعد حوكمة الشركات الصادرة عن هيئة السوق المالية (2021)

في المقابل، وعلى الرغم من أن بعض هذه القواعد إلزامية فقط للشركات المدرجة، إلا أن تطبيقها في الشركات غير المدرجة يُعد ممارسة ذكية تعزز من مصداقيتها.

كما سبق الذكر، أصدرت هيئة السوق المالية في عام 2021 إطارًا موحدًا للحوكمة يُطبّق على الشركات المدرجة، مع تشجيع الشركات غير المدرجة على الالتزام به.


🔹 الفرق بين حوكمة الشركات المدرجة وغير المدرجة

الإطار القانونيملزم بقواعد الحوكمة الصادرة عن هيئة السوق الماليةتطبيق طوعي، لكن يُنصح بالامتثال
مجلس الإدارةإلزامي، مع وجود لجان فرعية (مراجعة، ترشيحات، حوكمة)اختياري، لكن يُفضل تشكيله في الشركات الكبيرة
الشفافيةإلزام بنشر التقارير السنوية، وتقارير الحوكمةلا إلزام بنشر، لكن يُشترط إبلاغ المساهمين
المسؤولية القانونيةعالية، مع عقوبات على المخالفاتمحدودة نسبيًا، لكن تظل مسؤولة أمام المساهمين

من ناحية أخرى، وعلى ضوء ذلك، يجب أن تدرك الشركات غير المدرجة أن تجاهل مبادئ الحوكمة قد يُعرضها للنقد من المستثمرين أو الشركاء، خاصة عند التوسع أو جذب تمويل.


🔹 الشروط الأساسية لحوكمة الشركات في السعودية

1. وجود هيكل إداري واضح

يجب على كل شركة، خاصة المساهمة، أن تكوّن هيكلًا إداريًا يتضمن:

  • جمعية عمومية (تمثل المساهمين)
  • مجلس إدارة (يتولى الإشراف الاستراتيجي)
  • إدارة تنفيذية (تتولى العمليات اليومية)

وبالتالي، فإن غياب هذا الهيكل يعد خرقًا للنظام، وقد يؤدي إلى نزاعات داخلية لا يمكن حلها بسهولة.

2. استقلالية مجلس الإدارة

تشترط هيئة السوق المالية أن يكون ثلث أعضاء مجلس الإدارة على الأقل من الأعضاء غير التنفيذيين المستقلين في الشركات المدرجة.
ويُعتبر العضو “مستقلًا” إذا لم يكن له علاقة تضارب مصالح مع الشركة أو المساهمين الكبار.

في هذا السياق، يعد الاستقلال ضمانة لاتخاذ قرارات محايدة، لا تتأثر بالمصالح الشخصية.

3. تشكيل لجان متخصصة

يشترط في الشركات المدرجة إنشاء لجان فرعية لمجلس الإدارة، أهمها:

  • لجنة المراجعة: لمراقبة البيانات المالية والتدقيق الداخلي.
  • لجنة الترشيحات والحوكمة: لاختيار أعضاء المجلس وتطوير سياسات الحوكمة.
  • لجنة المخاطر: لتقييم المخاطر التشغيلية والمالية.

بالإضافة إلى ذلك، تعد هذه اللجان أداة فعّالة لتقسيم المهام ورفع كفاءة الأداء.

4. الشفافية والإفصاح

تلزم قواعد الحوكمة الشركات المدرجة بالإفصاح عن:

  • البيانات المالية (ربع سنوية وسنوية)
  • القرارات الاستراتيجية الكبرى (مثل الدمج أو الاستحواذ)
  • كما أن الأمر يجب أن يشمل توضيح عن تضارب المصالح
  • بعد ذلك المكافآت الممنوحة لأعضاء المجلس والإدارة العليا

على سبيل المثال، يجب أن تعلن الشركة فورًا عن أي صفقة تتعلق بمساهم رئيسي، حتى لا تتهم بإخفاء المعلومات.

5. حماية حقوق المساهمين

يعد حماية حقوق المساهمين من أركان الحوكمة الأساسية، وتشمل:

  • الحق في حضور الجمعيات العامة
  • الحق في التصويت
  • الحق في تلقي المعلومات
  • الحق في المطالبة بالمسؤولية إذا ثبت إخلال المجلس بواجباته

في المقابل، فإن انتهاك هذه الحقوق قد يؤدي إلى دعاوى قضائية أو تدخل هيئة السوق المالية.


🔹 الإجراءات القانونية لتطبيق حوكمة الشركات

▪️ الإجراء 1: مراجعة النظام الداخلي للشركة

في حين أن النظام الداخلي للشركة يحدد ما يلي:

  • آلية تشكيل مجلس الإدارة
  • صلاحيات الجمعية العامة
  • إجراءات اتخاذ القرار
  • شروط التصويت
  • آلية حل النزاعات

علاوة على ذلك، ينبغي مراجعة هذا النظام سنويًا لضمان مواءمته مع المستجدات القانونية.

▪️ الإجراء 2: تعيين مجلس إدارة وفق الشروط القانونية

عند تعيين أعضاء مجلس الإدارة، يجب الالتزام بما يلي:

  • ألا يقل عمر العضو عن 25 سنة
  • أن يكون حسن السيرة والسمعة
  • ألا يكون محكومًا بجريمة مخلة بالشرف
  • في الشركات المدرجة: ألا يتجاوز عدد عضوياته في مجالس إدارات أخرى 5 مجالس

من المهم أن نلاحظ أن تعيين أعضاء غير مؤهلين قد يعرض الشركة للمساءلة القانونية.

▪️ الإجراء 3: تعيين مدقق داخلي وخارجي

  • المحاسب القانوني الخارجي: يجب تعيينه من قبل الجمعية العامة، وهو مسؤول عن تدقيق القوائم المالية.
  • التدقيق الداخلي: يُشترط في الشركات المدرجة تعيين وحدة للتدقيق الداخلي تقدّم تقاريرها مباشرة إلى لجنة المراجعة.

في هذا السياق، يعد التدقيق الداخلي خط الدفاع الأول ضد الأخطاء المالية والاحتيال.

▪️ الإجراء 4: إعداد تقرير الحوكمة السنوي

يجب على كل شركة مدرجة إعداد تقرير حوكمة سنوي يتضمن:

  • هيكل مجلس الإدارة
  • أداء اللجان الفرعية
  • التزام الشركة بقواعد الحوكمة
  • تحديداً أي مخالفات وُجدت والإجراءات التصحيحية

وبالتالي، فإن عدم إصدار هذا التقرير يعد مخالفة صريحة للنظام.

▪️ الإجراء 5: التدريب والتوعية

ينصح بأن تخضع أعضاء مجلس الإدارة والإدارة العليا لبرامج تدريبية دورية حول:

  • مبادئ الحوكمة
  • المسؤولية القانونية
  • إدارة المخاطر
  • حماية البيانات

على النقيض، فإن الجهل بالمسؤوليات لا يعفي من العقوبات.


🔹 التحديات القانونية في تطبيق حوكمة الشركات

رغم التقدم الكبير، تواجه بعض الشركات صعوبات في تطبيق الحوكمة، أبرزها:

الشركات العائليةغالبًا ما تُدار بشكل مركزي، مما يُضعف استقلالية مجلس الإدارة
نقص الكفاءاتقلة المتخصصين في الحوكمة، خاصة في الشركات الصغيرة
التكلفة العاليةتعيين مدققين، ومستشارين، وتكوين لجان يتطلب ميزانية كبيرة
مقاومة التغييرقد يرفض بعض المؤسسين توزيع الصلاحيات

بالرغم من ذلك، فإن هذه التحديات يمكن التغلب عليها من خلال التخطيط التدريجي والاستعانة بخبراء قانونيين.


🔹 العقوبات على مخالفة قواعد الحوكمة

تفرض هيئة السوق المالية عقوبات رادعة على الشركات المدرجة التي تُخالف قواعد الحوكمة، منها:

  • غرامات مالية تصل إلى ملايين الريالات
  • إيقاف التداول في السوق
  • إضافة إلى ذلك إحالة المخالفين إلى النيابة العامة
  • فضلاً عن إلغاء ترخيص الشركة في حالات التكرار

في المقابل، أما الشركات غير المدرجة، فقد تواجه دعاوى من المساهمين أو شركاء العمل إذا ثبت إهمالها في تطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة.


🔹 أفضل الممارسات لتعزيز حوكمة الشركات في المملكة

لضمان تطبيق فعّال ومستدام لحوكمة الشركات، نوصي بما يلي:

  1. اعتماد نظام رقمي لإدارة الحوكمة (Governance Portal) لتتبع القرارات والاجتماعات.
  2. ومنها إجراء تقييم سنوي لفعالية الحوكمة باستخدام مؤشرات أداء (KPIs).
  3. ناهيك عن إشراك المساهمين في صنع القرار عبر استبيانات دورية.
  4. علاوة على ذلك التعاون مع مكاتب محاماة متخصصة في قانون الشركات لضمان الامتثال.
  5. وكذلك الإفصاح عن سياسة الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية (ESG) لجذب المستثمرين الدوليين.

مع الأخذ بعين الاعتبار هذه الممارسات، يمكن للشركات أن تنتقل من الامتثال السلبي إلى الريادة في مجال الحوكمة.


🔹 مستقبل حوكمة الشركات في السعودية

مع توجه المملكة نحو الاقتصاد الرقمي والاستثمار الأجنبي، من المتوقع أن تشهد حوكمة الشركات تطورات كبيرة، منها:

  • على سبيل المثال ربط الحوكمة بالذكاء الاصطناعي (مثل تحليل البيانات المالية تلقائيًا)
  • بعبارة أخرى تشديد الرقابة على الشركات الخاصة (خصوصًا في مجالات التكنولوجيا والتمويل)
  • بناءً على ما تقدم فإن ذلك يساعد في توسيع مفهوم الحوكمة ليشمل البيئة والمجتمع (ESG)
  • تجدر الإشارة إلى أن دمج أنظمة الحوكمة مع أنظمة حماية البيانات

على ضوء ذلك، يمكن التنبؤ بأنه خلال 5 سنوات، قد تصبح بعض مبادئ الحوكمة إلزامية حتى للشركات الصغيرة التي تسعى للتمويل أو التوسع.


🔹 خاتمة: الحوكمة ليست خيارًا، بل ضرورة قانونية واستثمارية

في الختام، إن تطبيق حوكمة الشركات وفق النظام السعودي لم يعد رفاهية، بل أصبح شرطًا للبقاء والنمو في بيئة أعمال تنافسية وشفافة، سواء كنت تدير شركة مساهمة مدرجة، أو شركة عائلية ناشئة، فإن الالتزام بمبادئ الحوكمة يعزز من:

  • مثل مصداقية شركتك
  • جاذبيتها للمستثمرين
  • على سبيل المثال حمايتك من النزاعات القانونية
  • لضمان استقرارك المالي والإداري

لذلك، لا يمكن تحقيق ذلك دون استشارة قانونية متخصصة تساعدك على تحليل وضع شركتك، ووضع خطة حوكمة مخصصة، وضمان الامتثال للأنظمة، اتصل الآن واحصل على استشارة قانونية.

موضوع مهم تسوية التركات المعقدة بالسعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اتصل الآن واستفسر عما تريد