يعتبر التحكيم في المملكة العربية السعودية وسيلة فعّالة لحل النزاعات التجارية والمدنية بعيداً عن المحاكم التقليدية، لما يتميز به من سرعة ومرونة وسرية، ومع دخول النظام السعودي مرحلة التطوير التشريعي بعد صدور نظام التحكيم السعودي، أصبح من الضروري على الشركات والمحامين والمستثمرين معرفة كيفية صياغة شرط التحكيم بالعقود بطريقة صحيحة ومتوافقة مع أحكام النظام، لذلك إذا كنت مهتم بمعرفة صياغة شرط التحكيم بالعقود، عليك قراءة هذا المقال.
في هذا المقال، سنستعرض:
- ماهية شرط التحكيم وأهميته.
- مزايا اللجوء إلى التحكيم في السعودية.
- الضوابط النظامية لصياغة شرط التحكيم.
- الأخطاء الشائعة عند صياغة شرط التحكيم.
- نماذج عملية لصياغة بنود تحكيمية صحيحة.
- التوصيات العملية للممارسين القانونيين.
تواصل الآن مع أفضل شركة محاماة متخصصة في قضايا التحكيم التجاري، واحصل على استشارة ودعم قانوني
Table of Contents
العمود الأول: ماهية شرط التحكيم
ما هو شرط التحكيم؟
شرط التحكيم هو اتفاق مكتوب يدرج في العقود التجارية أو المدنية، ينص على أن أي نزاع ينشأ بين الأطراف يتم حله عبر التحكيم بدلاً من اللجوء إلى القضاء.
الفرق بين شرط التحكيم واتفاق التحكيم
- شرط التحكيم: بند يدرج في العقد الأصلي قبل نشوء النزاع.
- اتفاق التحكيم المستقل: اتفاق منفصل يُبرم بعد نشوء النزاع.
الأساس النظامي في السعودية
ينص نظام التحكيم السعودي على أن التحكيم هو “اتفاق الأطراف على أن يُعرض النزاع بينهم على محكّم أو أكثر للفصل فيه”.
العمود الثاني: مزايا شرط التحكيم في السعودية
1. السرعة في الفصل بالمنازعات
الأحكام التحكيمية غالباً تصدر خلال فترة زمنية أقصر من المحاكم، وهو ما يناسب قطاع الأعمال.
2. المرونة في اختيار القواعد
يمكن للأطراف الاتفاق على تطبيق قواعد مركز تحكيم معين مثل المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA).
3. السرية وحماية السمعة التجارية
بخلاف القضاء العلني، يضمن التحكيم سرية النزاع، مما يحمي سمعة الشركات.
4. قابلية التنفيذ الدولي
بما أن المملكة طرف في اتفاقية نيويورك 1958، فإن الأحكام التحكيمية الصادرة في السعودية قابلة للتنفيذ خارجها والعكس.
العمود الثالث: الضوابط النظامية لصياغة شرط التحكيم
1. الكتابة شرط أساسي
وفقاً للمادة (9) من النظام السعودي، لا يعترف بشرط التحكيم إلا إذا كان مكتوباً.
2. تحديد نطاق النزاع
ينبغي أن يحدد الشرط بوضوح نوع النزاعات المشمولة، مثل:
- النزاعات الناشئة عن تفسير العقد.
- النزاعات المتعلقة بالتنفيذ أو الفسخ.
3. تعيين مركز التحكيم أو قواعده
من الأفضل النص على أن التحكيم يدار وفقاً لقواعد مركز تحكيم معتمد مثل:
- المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA).
- أو وفق قواعد الأونسيترال (UNCITRAL).
4. اختيار عدد المحكمين
النظام يسمح بأن يكون المحكم فرداً أو هيئة من ثلاثة، ويجب النص على ذلك لتفادي النزاع لاحقاً.
5. اللغة والقانون الواجب التطبيق
يجب تحديد لغة التحكيم (العربية أو الإنجليزية)، وكذلك القانون الواجب التطبيق على النزاع.
العمود الرابع: الأخطاء الشائعة في صياغة شرط التحكيم
1. الغموض في النص
مثل استخدام عبارة “سنلجأ للتحكيم عند الحاجة” دون تحديد الإجراءات.
2. إغفال تحديد المركز أو القواعد
قد يؤدي ذلك إلى نزاع إضافي حول كيفية إدارة التحكيم.
3. عدم النص على آلية اختيار المحكمين
هذا يفتح المجال للتعطيل أو لجوء أحد الأطراف للمحاكم لتعيينهم.
4. تعارض الشرط مع النظام العام السعودي
مثلاً: إذا نص البند على التحكيم في مسائل لا يجوز فيها التحكيم كالقضايا الجنائية أو الأحوال الشخصية.
العمود الخامس: صياغة شرط تحكيم مثالي
نموذج 1 – شرط تحكيم داخلي (وفق النظام السعودي)
“يتفق الطرفان على أن تحال جميع النزاعات الناشئة عن هذا العقد أو المتعلقة به إلى التحكيم وفقاً لأحكام نظام التحكيم السعودي ولائحته التنفيذية، ويكون مقر التحكيم مدينة الرياض، ولغته العربية، وعدد المحكمين ثلاثة، ويُعين كل طرف محكماً ويعين المحكمان رئيساً للهيئة.”
نموذج 2 – شرط تحكيم دولي (وفق مركز SCCA)
“أي نزاع أو خلاف أو مطالبة تنشأ عن هذا العقد أو تتعلق به، يتم حسمها نهائياً عبر التحكيم وفق قواعد المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA)، ويكون مقر التحكيم مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، وتكون اللغة الإنجليزية هي لغة التحكيم.”
العمود السادس: التوصيات العملية لصياغة شرط التحكيم
- استخدام صياغة واضحة ومحددة.
- الاستعانة بمحامٍ متخصص لتجنب الأخطاء القانونية.
- النص على القابلية للتنفيذ وفق نظام التنفيذ السعودي.
- مراعاة خصوصية العقود الدولية عبر تحديد القانون الواجب التطبيق.
- التأكد من التوافق مع الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الأساسي للتشريع في السعودية.
الخاتمة
ختاماً من المهم أن نُدرك أن صياغة شرط التحكيم في النظام السعودي لا تُعد مجرد مسألة شكلية فحسب، بل تُعتبر في الواقع ركيزة أساسية في العقود التجارية والاستثمارية، وعليه، فإن الصياغة الدقيقة والمتوافقة مع النظام السعودي تُسهم بشكل مباشر في ضمان فاعلية شرط التحكيم، كما أنها تساعد على تجنب الأطراف نزاعات إجرائية قد تُفقدهم ميزة اللجوء إلى التحكيم، وبالتالي، فإن مراعاة هذه الضوابط تُعزز من الثقة في العقود، وتؤدي في نهاية الأمر إلى تحقيق استقرار أكبر في المعاملات التجارية.
وبالنظر إلى الانفتاح الاقتصادي للمملكة، إضافةً إلى الجهود الكبيرة المبذولة لتطوير بيئة الأعمال وفق رؤية السعودية 2030، يمكن القول إن التحكيم أصبح الخيار الأمثل للمستثمرين المحليين والأجانب، ومن ثم، فإنه لا يكفي مجرد إدراج شرط التحكيم في العقود، بل يتعين أن تتم صياغته وفق معايير مهنية دقيقة، وعلى هذا الأساس، فإن الالتزام بالصياغة الصحيحة يُعزز من فاعلية النظام القانوني، كما يسهم في تحقيق المزيد من الثقة والاستقرار في المعاملات التجارية داخل المملكة وخارجها.
موضوع مهم دليل تقديم بلاغ احتيال مالي